سيرة الشاعر:
عبدالله بن محمد عمر البنا.
ولد في مدينة أم درمان، وعاش عمره المديد في السودان.
درس القرآن الكريم والعربية على أبيه، وتعلم بكتّاب مدينة رفاعة (1903 - 1906) ثم التحق بكلية غردون - قسم المعلمين والقضاة (1906 - 1912)، و تخرج معلمًا.
عمل بالمدارس الأولية، ومنذ عام 1936 عمل معلماً بكلية غردون والمدارس العليا، وفي الأربعينيات أصبح رئيس شعبة اللغة العربية بالمدارس العليا.
كان له نشاط ثقافي واسع في الأندية والمدارس والجامعات، وله حضور بارز في الاحتفالات الدينية والوطنية.
كان عضو مؤتمر الخريجين، واتحاد الأدباء، واتحاد الشعراء، واتحاد المعلمين.
الإنتاج الشعري:
- له ديوان بعنوان: «ديوان البنا» - طبع مرتين: الطبعة الأولى، مطبعة الحضارة، الخرطوم 1922. الطبعة الثانية (تحقيق علي المك) - دار جامعة الخرطوم للنشر 1976، ونشر شعره في مجلات: الفجر، حضارة السودان، الخرطوم، صوت السودان، الرأي العام.
يعد ضمن الطبقة الأولى من شعراء السودان في العصر الحديث بعد شعراء المهدية. في شعره قوة أسر وجمال أسلوب، مع صدق العاطفة وثراء الخيال، وتغنٍ بأمجاد العروبة والإسلام، مع تناول عميق لمختلف القضايا الاجتماعية والسياسية. اشتهر بوصفه البديع للبادية، ويظهر في شعره المنحى التعليمي؛ لأنه من كبار معلمي العربية والأدب الإسلامي.
عناوين القصائد:
* تحية العام الهجري (1339هـ)
* من قصيدة: ذكرى اللغة العربية
* آمال وآلام
* الخريف
تحية العام الهجري (1339هـ)
يـا ذا الهلالُ عـن الـدنـيـا أو الـديــنِ
حدِّثْ فإنَّ حديثـاً مـنك يشفـيـنـــــــــــي
طلعتَ كـالنـون لا تـنفكُّ فــــــــــي صغرٍ
طفلاً وإنك قـد شـاهدتَ ذا النــــــــــون
سـايرتَ نـوحـاً ولـم تـركب سفـيـنــــــتَه
وأنـت أنـت فتًى فـي عصر «زبـلـيـــــــن»
حدِّثْ عـن الأعصر الأولى لـتضحكـنــــــــي
فإن أخبـار هـذا العصر تُبكـيـنـــــــــي
خبِّرْ مـلـوكـــــــــــــــاً ذوي عزٍّ وأبّهةٍ
إن الـمـلـــــــــــوك وإن عزّوا إلى هُون
وارمقْ بطرفك مـن بـغدادَ داثرَهــــــــــا
واندب بـهـا كلَّ مـاضـي العزم مـيـمــــون
سَلْهـا تخبِّرْكَ كـم ضمّتْ مقـابرُهـــــــــــا
مـن ذي حِفـاظٍ وبذلٍ غـير ممـنــــــــــون
سلهـا عـن الـمسجـد الـمعـمـور جـانـــبُه
بـالعـلـم والخـير والآداب والـديــــــن
وسل «زبـيـدةَ» عـن قصرٍ تبــــــــــــوَّأه
بعـد الأمـيـن حسـامُ الشهـم مأمـــــــون _
سلهـا عـن الجـيش جـيشِ الله أيــــن مضى؟
وكـيف جُرِّدَ مـن مـاضٍ ومَسنـــــــــــــون؟
أخلى مـنـابرَهـا مَنْ فـي مقـابرهــــــــا
مـن كل متّضح الآثـار مدفــــــــــــــون
وقبـلهـا ابْكِ دمشقـاً إنهــــــــــا فُجعتْ
بسـادةٍ عَمَروا الـدنـيـا أسـاطـيــــــــن
وسل معـاويةً عـن شـاتـمـيـه فكـــــــــم
عفـا وأعطى برأيٍ غـير مـرصـــــــــــون!
يأسـو جـروحَ مقـالٍ لـيس يؤلـــــــــــمه
ب�الـمـال، والـمـالُ مـن أجـدى القـرابـيـن
هـي السـيـاسة تألـــــــــــيفٌ وبذلُ ندًى
والرفقُ واللـيـنُ، كلُّ الـمـجـد فـي اللـيـن
هـي الـتـي حُكْمُهـا بـيـن القـلـــــوب له
عـلى رقـاب الـورى أمضى القـوانـيــــــن
وعهدَ طـيبةَ فـاذكْر فـيــــــــــه كلَّ فتًى
جـمِّ الرمـاد مـن الشُّمِّ العـرانـيــــــــن
واذكرْ لـيـالـيَ للفــــــــــــاروق أرَّقه
فـيـهـا الـتُّقى وحنـانٌ بـالـمسـاكـيــــن
وكـم تفجَّرَ فـيـهـا الـمـصطفى كرمـــــــاً
عطْفـاً ورفقـاً ببـادي الفقـر محـــــــزون
إنـي بكـيـت عـلى مـاضٍ تكفَّل لِلْـــمجد
الأثـيل بفخرٍ غـيرِ ممـنــــــــــون
أحـبّتـي ودعـاءُ الـحـب مـرحـــــــــــمةٌ
لا يحـزننَّكـمُ بـالنصح تلقـيـنــــــــــي
فرُبَّ قـولٍ غلـيظ اللفـظ بــــــــــــاطنُه
رُحْمَى ولـيـنٌ بفـظِّ الروح مقـــــــــــرون
تـرضـون بـالـدون والعـلـيــــاءُ تُقسِم لا
تديـن يـومـاً لراضـي النفس بـالــــــدون
والـمـجـدُ يـنأى فلا تدنـو مـــــــراكبُه
مـن الجـبـان ولا يـنقـاد بـالهـــــــون
تَفرُّقٌ وتـوانٍ واتِّبـاع هــــــــــــــــوًى
إن الهـوى لَهـوانٌ غـيرُ مأمــــــــــــون
والـحـادثـاتُ تـريكـم غـيرَ آلـــــــــيةٍ
أن الـتقـاطع مـن شأن الـمـجـانـيــــــن
فلا اعتبـارَ ولا رُقْبَى لنــــــــــــازلةٍ
ولا احتـيـاطَ ولا رُحـمـى لـمغبــــــــون
بُلـيـتـمُ وبـلايـا الـدهـر إنْ نزلــــــتْ
فـالصـبرُ يكشف مـنهـا كلَّ مدفــــــــــون
بأمّةٍ جهلـتْ طُرْقَ العـلاء فلـــــــــــــم
تسبقْ لغاية معقــــــــــــــــولٍ ومخزون
فللـمدارس هجـــــــــــــــــرانٌ وسخريةٌ
وفـي الـمتـاجـر ضعفٌ غـير مـــــــــوزون
وللـمفـاسد إسـراعٌ وتلـبــــــــــــــيةٌ
ولا الـتفـاتَ لـمفروضٍ ومسْنــــــــــــون
والنـاسُ فـي القطر أشـيـاءٌ مــــــــلفَّفةٌ
فإن تكشّفْ فعـن ضعفٍ وتـوهـيـــــــــــــن
فـمـن غنـيٍّ فقـيرٍ مـن مــــــــــــروءته
ومـن قـويٍّ بضعف النفس مـرهــــــــــــون
ومـن طلـيـقٍ حـبــــــــــيسِ الرأي مُنْقبضٍ
فـاعجَبْ لـمـنطلقٍ فـي الأرض مسجــــــــون
وآخرٌ هـو طَوْعُ الـبطن يبرز فــــــــــــي
زيِّ الـمـلـوك وأخلاق الـبراذيــــــــــن
وهـيكلٍ تبِعَتْه النـاسُ عـن ســــــــــــرَفٍ
كـالسـامـريِّ بـلا عقـلٍ ولا ديــــــــــن
يحتـال بـالـديـن للـدنـيـا فـيجـمعهـــا
سُحْتـاً وتـورده فـي قـاع سِجِّيــــــــــــن
أحـبَّتـي هـي نفسٌ هـاج هـائجُهـــــــــــا
مـن الشجـون فلـم تبخل بـمكـنـــــــــون
هـززتُ مـنكـم سـيـوفـاً فـي مضـاربـهــــا
عـونُ الصريـخ وإرهـابُ الـمطـاعـيـــــــن
إن الـحـيـاة لـمضمـارٌ إذا ازدحـــــــمتْ
بـهـا الرجـال تـردَّى كلُّ مفتـــــــــــون
لهـا وسـائلُ إن شدَّتْ أواصرَهـــــــــــــا
تبـيّنَ الـمـجـدُ فـيـهـا أيَّ تبـيـيــــــن
تـواضعٌ وتأنٍّ واتبـــــــــــــــــاع نُهًى
والصـبرُ والـحـزم أزكى فـي الـمـوازيـــن
فأحسنـوا إنمـا الإحســـــــــــان واسطةٌ
للعـامـلـيـن بـه فـي كل تـمكـيــــــــن
ثـم انشـروا مـن شـريف العـلـــــم أنفعَه
فإنمـا هـو مبنى كلِّ تـمديــــــــــــــن
العـلـمُ زيـنٌ وبـــــــــــالأخلاق رِفعتُه
إن قـارنـتْهُ بـدا فـي خـير تزيـيـــــــن
إن الخلائق إن طـابت مـنـابتُهــــــــــا
كـانـت لكـسب الـمعـالـي كـالـبراهـيـــن
***********************************************************
***********************************************************
من قصيدة: ذكرى اللغة العربية
مـنـابتَ العزِّ حــــــــــــيّا الله ذكراكِ
مـا كـان أثراك مـن مـجــــــــدٍ وأسْراكِ! ___________________________________
أيـامَ ذكراك ريحـانُ النفـوس وفـــــــــي ___________________________________
مـنـازلِ السعـــــــــــد والإجلال مسْراك
أيـامَ يُمـنـاك مأوى الـــــــــمُلْك مقبضُه
ومهـبطُ العـلـم والخــــــــــيرات يُسْراك
أيـامَ إدراكُ مـا أحـرزتِ مـن شـــــــــرفٍ
لـم يبـدُ للغرب فــــــــــــي ظنٍّ وإدراك
مـا كـان أبـهـاكِ لـمـا كـنـتِ بـــــاديةً
وبـالجَدا والندى مـا كـــــــــان أغراك!
أيـامَ بـالشـيح والقَيْصـوم عِطْرُك مـــــــا
أحـلاك إذ فـاح بـالعـرفـان نشــــــراك!
أيـامَ بـالجـود فـي مَمْســـــــــىً ومُصْطَبحٍ
يضـيء مـن أمـل العـافـيـــــــــن عصراك
كـم حـاتـمٍ فـيك! إن الـبخل مـــــــنقصةٌ
وحـاتـمٌ شـاهدٌ عـــــــــــــــدلٌ بذكراك
وكـم حـمـى لك عِرِّيسـاً غَطــــــــــــارفةٌ
مـوفّقـون لإِرهــــــــــــــــابٍ وإدراك!
فـي عـنـتـرٍ وعـلـيٍّ وابن ذي يـــــــــزنٍ
فـي الجـاهلـــــــــــية والإسلام فخراك
وكـم أبى لك مُرَّ الـذل مــــــــــــن بطلٍ
حـامـي الـحقـيـقة نهّاضٍ بعســـــــــراك!
مذ يُسِّرتْ فـــــــــــيك أخلاقُ الكرام جَرَتْ
بـالـيُمـن والخـير والإحسـان يُســــــراك
أمَّ اللغات عـويلـي فـــــــــــــيك متّصلٌ
ومقـلـتـي بسخـيـن الــــــــــدمع عبراك
أنعـاك قبـل عكـاظٍ حـيث أسفرَ فـــــــــي
أرجـائهـا بشـريف اللفـظ معـنـــــــــاك
بـ «ذي الـمـجـاز» مـجـازٌ للـحقـيـقة لـم
تُحـرمْ «مِجنَّةُ» مـنه وهْي مغنــــــــــــاك
أنعـاك لـلـ «بصرةِ» العصـمـاء حـيث بـهـا
جـريـتِ فـي سُنن العـلـيـاء مَجــــــــراك
وكـم بنى لك كـوفـيٌّ مـنـــــــــــارَ عُلا
إذ شـاد فـوق متـيـن اللفـظ مبنــــــاك!
أنعـاك حـيـن دهـاك الـدهـر فـامْتُهـنـــتْ
دمشقُ وامتُحنـتْ بـــــــــــــغدادُ بُصراك؟
دمشقُ أيـن بـدورٌ زيـنـوا حـلـبـــــــــاً
وبصَّروا بسديـــــــــــــــد الرأي بُصْراك
شـادوا بنـاءً لأهل الضـاد طـال بـــــــه
عـلى الـمُزاحـم أو شـانـيك مَرْقــــــــاك
أيـامَ مـولاك ربُّ الأعجـمـيـن ومــــــــا
ربٌّ يُعـظَّم إلا ربُّ مــــــــــــــــــولاك
كـم سـاس بـالـحـلـم والجـدوى معــــاويةٌ
أسـاسَ مُلْكٍ فتـمَّتْ فـيـه عُلـيــــــــــاك!
كـم شـاعـرٍ فـيك بـاللفـظ السديـدِ رمـــى
حَبَّ القـلـوب وغنَّاهـا بـمَغْنـــــــــــاك!
وكـم خطـيبٍ بأبـواب الـمـلـوك حـــــــوى
فصلَ الخطـاب مـن الـمشكـوّ والشـاكـــــي!
وكـم أديبٍ بـمختـــــــــــار الكلام رقَى
عـرشَ الــــــــــــوزارة إذ آواه مأواك!
«عبـدُالـحـمـيـدِ» شهـيـــــــدٌ أنَّ كل فتًى
يغشـاك يـمـرع فـي جنّات دنـيــــــــــاك
رقَى «جـريرٌ» و«هـمّامٌ» وصـاحـبــــــــــه
بـابَ السّمـاك ونـالـوا صـفـو مسعــــــاك
دمشقُ كـم ثـوبِ عزٍّ تهْتِ فـيـه وكـــــــــم
قـد ضـاحكَ الـبـدرُ وضَّاحًا مُحــــــــــيّاك
لله دَرُّ بنـي حـمدانَ إذ كشفــــــــــــوا
بسـيف دولـتهـم عُظـمـى رزايـــــــــــاك
ودرُّ أحـمدَ فـيـهـم شـاعـراً لـبقــــــــاً
يُبكـي الضحـوكَ ويبـدي مَضْحكَ الـبـاكـــــي
كذلك العُرْب إن قـالـــــــــوا شَفَوْا وإذا
صـالـوا أبـــــــــــــادوا بحدٍّ كلَّ سفّاك
هـنـاك قـد شـرحـوا للنـاس أنَّهـــــــــمُ
حـامـو الـذمـــــــــــار ومُردو كلِّ أفّاك
هـنـاك قـد غرسـوا بِيضَ الخلال عـــــــلى
سـودِ النفـوس فضـاءت بعـد إحـــــــــلاك
هـنـاك قـد زرعـوا آدابَهـم فبـــــــــدت
للنـاظريـن بـوجهٍ ضــــــــــــــاءَ ضحّاك
والـيـومَ قـد ذهـبـوا فـالشـرقُ بعـدهـــمُ
مـثلُ الصدَى أو كرجع الصـوت فـي الـحـاكـي
وا لهفتـاه عـلى بـغدادَ دانـــــــــــيةً
قطـوفُهـا ولـذيذاً نشْرُهـا الزاكـــــــــي
عـلى «الرصـافة» كـم حسنـاءَ نـــــــافرةٍ
مـن وحش وَجْرَةَ لـم تعْلق بأشـــــــــــراك
«دارَ السلام» سقـاك الغــــــــــيثُ رَيِّقَهُ
كـم أبردتْ كبـداً حـرَّى عطـايـــــــــــاك
كـم أورق الجـودُ بـالإحسـان فـيك وكــــم
بـالعفـوِ والصـفـوِ قـد طـابت هدايــــاك!
تفجَّرَ العـلـمُ فـي نـاديك حـيـن سمــــــا
بـيُمـن «هـارونَ» و«الـمأمـون» مـجــــداك
كـم مـوقفٍ لـ «ابن هـانـي» فـيك محتـــرمٍ
ومـجلسٍ مـن «رُقـاشــــــــــــيٍّ» و«ضَحّاك»
لـدى جـواريك آدابٌ تكـاد بـهـــــــــــا
عـلى مـلاحتهـا تُدعى بأمـــــــــــــلاك
فـي حـلـم «معـنٍ» وجـــــدوى «جعفرٍ» وندى
«آلِ الربـيع» ربـيعٌ وهْو مـرعــــــــــاك
إن الـذي هدَّ مـن أركـان «قـــــــــرطبةٍ»
هـو الـذي مـن ثـيـاب الـمـلك أعـــــراك
كـانـت عـروسـاً نفــــــــــوراً ذات أبَّهةٍ
عـلى الـبـلاد وإرهــــــــــــابٍ وإدراك
مديـنةَ الغرب مـا لـي مــــــــــنظرٌ أَنِقٌ
يشفـي غلـيلـيَ إلا حسنُ مـــــــــــــرآك
هـنـاك أضداد أهل الضـاد قـد خُذلــــــوا
فـيـهـا وكـم ثُلَّ فـيـهـا عـرشُ إشـــــراك
وكـم لسـانٍ، لسـانُ الـديـن فـيـــــه غدا
كـ «ابن الخطـيب» مُبـيــــــــداً كلَّ أَفّاك
وكـم تفتَّقَ نـورُ الفضل حـيــــــــــن سقى
مـن «ابن زيـدونَ» طـيبــــــــاً زان ريّاك _
أمَّ اللغات عـويلـي غـيرُ مـــــــــــنقطعٍ
حتى أرى الـدهـرَ عبـداً مـن رعـايــــــاك
***********************************************************
***********************************************************
آمال وآلام
هـي الأخبـار آفتهــــــــــــــا الرواةُ
وصـيـقـلهـا الـتثبُّت والثقــــــــــــاتُ
وفـي الـحدثـان آلامٌ ولكـــــــــــــــن
لنـا فـي كل حـادثةٍ عــــــــــــــــظات
تغلغلَ بـيـننـا للجـــــــــــــــبن داءٌ
أصـيب بـه الأطبّة والرقـــــــــــــــاة
فلا شبَّاننـا جـدُّوا فـنـالـــــــــــــوا
وقـد خـارت كهـولهـمُ فـمـاتـــــــــــوا
فلا أدري أهـم رَخَمٌ وقــــــــــــــــوعٌ؟
ولا أدري أهـم صِيــــــــــــــــدٌ بُزاة؟
ومـا لنفـوسهـم ذلّت فــــــــــــــــظلّت
يلـذُّ لهـا مـن الخبـز الفُتـــــــــــات؟
ألا مـا للشبـيبة فـي سُبــــــــــــــاتٍ
ألـيس الـمـجـدُ آفته السُّبــــــــــــات؟
ومـا للنـاهضـيـن بـهـا استـراحـــــــوا
وهـم فـي يـوم أزْمَتِهـا الـحـمــــــــاة؟
وهـم فـي يـوم زيـنـتهـا رجـــــــــــاءٌ
وهـم فـي يـوم شدتهـا الكـمـــــــــــاة
وهـم فـي يـوم ظلـمتهـا بــــــــــــدورٌ
وهـم فـي نحـر حـاسدهـا الرمــــــــــاة
وهـم خبَرٌ يسـرُّ لـمـن قفـاهـــــــــــــم
وهـم عـن مـجْدِ سـالفهـــــــــــــم رواة
تـراءت مشكلاتُ الـدهـر فـيـنـــــــــــا
وأرجفتِ الـمعـاهد والجهـــــــــــــــات
وجـاء «اللـورد» يرفل فـي ثـيـــــــــابٍ
تعـمُّ بـهـا الـمـنـافع والشكــــــــــاة
إذا مـا قـيل قـد أوفى «ألِنْبــــــــــي»
تطـامـنـتِ الأمـور الجـامحــــــــــــات
***********************************************************
***********************************************************
الخريف
أمـا رأيـت الـبرقَ كـيف لـمعـــــــــــا
وحـوله السحـاب كـيف اجتـمعــــــــــــا
سحـابةٌ سـوداء مـثل الـحــــــــــــــبرِ
بقـربـهـا بـيضـاءُ مـثل الفجـــــــــــرِ
بجنـب صـفراءَ كلـون الكُركــــــــــــــمِ
جـوارَ حـمـراءَ كحـوضٍ مــــــــــــــن دمِ
سحـائبُ انـتشـرنَ فـي السمـــــــــــــاءِ
كإبـلٍ رتعـنَ فـي فضـــــــــــــــــــاء
حنَّتْ عـلى الأرض بعـام الـــــــــــــمحْلِ
وهدرَ الرعـدُ هديرَ الفحـــــــــــــــــلِ
وأرسلـتْ مــــــــــــــــــــن مطرٍ غزيرِ
مـا عـمَّ أهلَ الأرض بـالســـــــــــــرورِ
وأنـبتتْ لنـا نـبـاتـاً حسَنـــــــــــــا
وكَثُرَ الخـصـب بإذن ربنـــــــــــــــــا
وظهـر النـبـاتُ كـالغـيـــــــــــــــومِ
وارتفع النـوَّارُ كـالنجــــــــــــــــومِ
ورتعتْ إبـلُنـا والشـــــــــــــــــــاءُ
وارتـاح مـن أتعـابـهـا الرعــــــــــاءُ
وطـاب للكبـار مـنـــــــــــــــا الزرعُ
ودرَّ للصغار مـنــــــــــــــــــا الضرعُ
ورخـصتْ مـن عـيشنـا الأسعـــــــــــــارُ
واخضرَّتِ السـاحـات والأشجــــــــــــــارُ
إن الخريف زيـنة الـبــــــــــــــــلادِ
يعـمّ بـالخــــــــــــــــــيرات كلَّ وادِ
والـحـمدُ لله عـلى مـا قـــــــــــــدَّرا
فخـيرُه يأتــــــــــــــــــي وإن تأخَّرا